الثلاثاء، 10 مايو 2011

الرعاية التلطيفية..رعاي ة شمولية ومتميزة

لقد دأب الأطباء على الاهتمام بالأمور المرئية على حساب الأمور غير المرئية وعلى التركيز على الأرقام والاعتبارات البدنية على حساب الجوانب الأخرى التي يتعرض لها المريض.
لقد شبه أحدهم المريض الذي يراجع الطبيب بسبب مرض مزمن كتلك الأمراض الفتاكة بمثال رائع حيث قال:
إنه يأتي إليك ولسان حاله يقول... إن لكل منا قرص ( CD ) يتكلم عن حياته، أهدافه ومثله ومبادئه، أحلامه وطموحه، ماضيه وطفولته. ويقول يا دكتور لقد مزق هذا المرض حياتي الى أشلاء وقد تكسر هذا القرص (CD )، هل تستطيع أن تصلحه لي؟

-    هذا المثال يوضح لنا جليا أن المريض في الواقع لديه الكثير من الهموم والإشكالات التي تتعلق بحياته اليومية وليس مجرد أرقام وحسابات وعقاقير، يتوقع من الطبيب أن يساعده للتعامل معها. ومن هنا نشأت الحاجة إلى الرعاية التلطيفية كتخصص طبي يهتم بعلاج الآلام وأعراض المرض المختلفة، ويضع أسساً للعلاج مستوحاة من الحوار المباشر والفعال على المريض، آخذاً بعين الاعتبار الحاجات النفسية والاجتماعية والروحانية.

عرفت منظمة الصحة العالمية الرعاية التلطيفية بما يلي:
"مجموعة الجهود الطبية المقدمة من فريق متعدد الخبرات للمرضى الذين يواجهون أمراضاً مزمنة، بهدف تحسين نوعية الحياة ورفع المعاناة عنهم وعن عائلاتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجات البدنية والنفسية والاجتماعية والروحانية".
وفيما يلي الأسس التي قامت عليها الرعاية التلطيفية:
-    تقدم الرعاية التلطيفية خدمتها من خلال فريق متكامل يضم الطبيب، الممرض، الأخصائي النفسي، الأخصائي الاجتماعي، الصيدلي، الموجه الديني،و المعالج الطبيعي.
-    أعضاء الرعاية التلطيفية لديهم خبرة خاصة في علاج الآلام والأعراض المختلفة وفقاً لأحدث الأبحاث الطبية.
-   يولي الفريق اهتماماً بالغاً بمهارات الاتصال مع المريض وذلك من خلال الجلسات الودية معه وإعطائه الوقت الكافي للحديث عن نفسه وتوجيه الأسئلة المتعلقة بكافة جوانب حياته. هذا إلى جانب تقديم الدعم المعنوي والنفسي له والتأكيد أن من حقه أن يفهم ظروف مرضه وأن يساهم مع الفريق في وضع الخطة العلاجية وتحديد أولويات العلاج وذلك وفقاً لأهدافه وتصوراته بما يتناسب مع التعليمات الطبية.
-    يلتزم الفريق بأن من حق المريض أن لا يتعرض إلى الألم ولا الخوف ولا المعاناة ولا الوحدة خلال ظروف حياته المختلفة، حتى في المراحل الأخيرة من مرضه، ولن يتخلى عنه الفريق مهما اشتدت ظروف مرضه.
-    يولي فريق الرعاية التلطيفية اهتماماً بالغاً بعائلة المريض، فمعلوم أن عائلة المريض لديها الكثير من المعاناة والهموم نتيجة إصابة أحد أفرادها بالمرض، وقد يحتاجوا إلى معونة من الفريق لتجاوز هذه الظروف الصعبة.
-    ولا يخفى على أحد أن المريض المصاب بهذه الأمراض يعاني من العديد من الأعراض كالآلام المبرحة، ضيق التنفس، الهبوط العام، الغثيان والاستقياء، وغير ذلك من الأعراض المزعجة التي تمنع المريض من أداء نشاطاته اليومية وتؤثر سلباً على حياته.
-    وقد يشتد المرض ويفتك بالمريض إلى حد لا يفيد فيه العقاقير المسكنة للآلام ويحتاج المريض بعدها إلى مسكنات قوية كالعقاقير المخدرة للسيطرة على الألم الحاد والمزمن.
-    ولا يقتصر الامر على الأعراض البدنية فحسب. بل إن إصابة المريض بأحد هذه الأمراض كالسرطان مثلاً، يحدث شرخاً عميقاً في حياته ويهز كيانه من الأعماق، فلا يعود قادراً على الشعور بمعنى الحياة، ولا تحديد أهدافه من الحياة على ضوء ظروف مرضه، وينشأ مفهوم يسمى (المعاناة).
-    وقد أفادت الكثير من الدراسات والأبحاث التي أجريت في الغرب أن الأطباء يؤكدون أنهم لم يتلقوا تدريباً كافياً لعلاج أعراض المرض المختلفة وعلى رأسها علاج الآلام، وليست لهم القدرة للحديث مع المريض حول ظروف مرضه وتبعاتها المختلفة، مما شكل عجزاً واضحاً في علاج المريض.
-    وقد شهدت الأوساط الطبية في الغرب اهتماماً بالغاً بهذا التخصص، فالرعاية التلطيفية بمفهومها الشامل تدرس الآن في كليات الطب والتمريض، كما أنها الآن ضمن المنهج المعتمد في برنامج تخصص الأطباء للأمراض الباطنية وغيرها،  وقد اعتمدت كفصل مستقل في الكثير من الكتب الطبية المعروفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق